رياضيات كوينتين مياسو رحلة إلى مملكة الموت

 


يقص مياسو Quentin Meillassoux هذه القصة: كان هناك عالم رياضيات على الشاطئ ومعه طفل يريد أن يخبره عن نظرية المجموعات وجد صدفات على شاطئ البحر خط خطوطا بينها ليخبره عن مجموعة القوة power set. ما الذي جرى هنا؟ هذا الشخص بخياله السحري تلاعب في الفراغ أو العلامات الفارغة أو ما يطلق عليه مياسو Kenotype.



لنوضح قليلا...

في محاضرة برلين بعنوان "Iteration, Reiteration, Repetition: A Speculative Analysis of the Meaningless Sign" في النصف الأخير من الورقة يتعمق مياسو في طبيعة الرياضيات ويعلن بصراحة القطيعة مع المادية القديمة التي تتمثل في القطيعة مع مبدأ العلة الكافية القائل بأن هناك  سبب لوجود وتغير كل شيء وينتقل إلى العرضية المطلقة وهذا في تقديره التصالح مع المطلق فسؤال لماذا هناك وجود بدل العدم؟ يتحول إلى سؤال لماذا هناك شيء بدلا من شيء آخر؟ الإجابة لا شيء يقولها مياسو بملئ الفم.

نعود إلى المسألة الرياضية عندما نجلس عند الصدفات فإن عرضيتها مطلقة بعلامة فارغة دون أي معنى فهي لا تزال في طور النوع الذي لم ينفرد. ما معنى كلامي سأسهل المسألة بكلام بيرس عن العلامات وتصنيفها



نحن في المثلث الذي أشرت عليه بالأحمر وهي العلامة الأيقونية التي تتشابه مع موضوعها ولأن الكائنات الرياضية خيالية فنحن نحتاج لنتوازى معها أن نعمل تجربة تدمج الفكرة والجسد (تجربة ذهنية جسدية حقيقة)وهو مجرد الرسم على الرمل هذه الخطوط التي تكون بين الصدف يسميها مياسو يسميها مياسو علامات عاملة تنطلق بين نقاط (لاشيء) يسميها علامة قاعدية.


لو استبدلنا الصدف بنجم البحر لن يضر أبدا


ما نقوم به هي خطوط هوية هذا ما ينقلها من علامة نوعية إلى علامة منفرد ملموسة لكنها لازالت بدون قوانين ولا معيارية


هذا ما أشرنا له سابقا في المثلث السابق وسأحاول أن أعيد الكلام السابق في اللون الأصفر نحن أمام امكان لا محدود وتفاضل لا محدود اختلاف حتى وان كان هناك تشابه لأن العلامه الفارغة تكافئ العلامة الفارغة الأخرى ولأنه اختلاف محسوس يسميه مياسو تكرار repetition لا يعتمد على الأثر وتكراره لا يجعلنا نضع الحدوثات في جنس واحد.

هذا التشابه الحسي وليس تشابه هوية مثل عندما نرى توأمين متشابهين ثم نعرف أن سعد هو أخو سعيد. هذا تحديد تجريبي مهم وإن لم يكن كافي لأنه متفاضل حسا وأن لم يتمايز وهنا يكون التشابهات الطبيعية التي حتى لا نعرف اسماؤها مثل الأزهار وأورقها الملتفة كأنها زخرفة فنية.

لما جلسنا على القطع الفارغة عند البحر كنا على حافة الوجود. يقول مياسو: علامة تسلم لنا شخصيا قبل تدخل المعنى. سيميائيات semiotics قبل الدلالات semantics.

أيضا يقول مياسو: نترك العالم الفيزيائي حيث كل شيء له سبب أو علة ونخترق العالم السيميائي المحض هناك لا شيء له سبب ولاحتى معنى هناك نتنفس الأزلية.

لننتقل إلى ما يطلق عليه مياسو المعنى العادي وهو الذي باللون الأحمر هنا يكون التمييز والهويات نعطي الفراغات اسماء والاسهم بينها وتكون فيها اللاتناهي لأن الهويات لا تنتهي لكن دون تفاضل حقيقي ويكون فيها عودية iteration للحدوثات والآثار.

أخير في المربع الأزرق تكون هناك المعيارية بقوانين التركيب وغيرها والتي يرها مياسو حسابات ساذجة لكنها تجعلنا نتكلم ونتواصل بالرياضيات بين بعضنا وأيضا تؤسس اللاتناهي بالقوة.

يصف مياسو ما جرى بأنها: أنها قدرة الرياضيات للذهاب الى مملكة الموت ثم العودة للكلام عن الاكتشافات الحية لهذه الرحلة.

لنختم بمثال جميل يقول مياسو تخيل أنك رأيت في مكان أثري وسم على شكل

§§§§§§§§§

+++++++++

في أول وهلة ظننته زخرفة لكن فجأة شعرت وأحسست أنها كتابة. يسألك مياسو ما الذي تغير في نظرتك الثانية عن الأولى؟ كيف تحولت الوسوم الزخرفية إلى سطرين؟

هذا هو التحول من Kenotype إلى المعنى العادي والوسم اصبح اختلاف في ذاته إلى اختلاف مع آخر.

الوسوم Marks الآن عندما تختلف يكون هناك Tone ومنه نصنع نوع، بعد أن كان الوسم الوجودي اختلافه وان كان هناك تشابه لا يصنع Tone.


سأختم المدونة بأن الرياضيات فراغ نلتقطه من الأرض وليست كائنات أفلاطونية، الرياضيات ليست صورة ومثال بل على العكس خيال اعتباطي ومتعسف على المعنى، فراغ مفتاحه الإيماءة الرياضية التي تفتح هذا الجسد الفارغ هذه الايماءة أقوى من الجوهر والديالكتيك كما يقول giovanni maddalena: عندما نرسم الخط لا نفصل الهوية عن التعرف عليها التي هي اقوى التماعات البراغماتية حيث تندمج الأفكار والأشياء في التجربة ذاتها.

"إصبع يدي تصنع هوية بين الصدفات، يدي تلامس الـKenotype فراغ العلامة والوقعي الرياضي، أنا على الأرضية الأولى للواقع باعث الإمكانات الخيالية التي نشعر بها"


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا أرسم أو (الإبستيم الجمالي)

قصيدة "النقاء" للشاعر الأمريكي بيلي كولينز

الطوبيقا السسيتامية