المشاركات

الذات الأمية

 تلك هي الذات الأمية التي تنتمي للأميين التي تتغلب عينها على لسانها لذا هي تسكن في الكتاب وتقرأه بطلاقة على رغم أنها لا تعرف الكتابة ولا حتى قراءة الحروف لكنها لديها أيقونات ترشد وتوضح تكسبها سردية مستمرة هي أمة عين اليقين أمة الأرض بنت السماء الانتماء لها نشوة متماسكة علاماتها فوق التضاريس الخيالية عينها عين فنان ثم عين قناص ثم عين يقين لم ترى أبدا موضوعا حتى اختلط دمها بأمم أخرى تقرأ إيمانها حاضر أباءها حاضرين كلهم أبناء إسماعيل الذي كان يرمي ويقنص ولم يكن يقرأ سماءهم تخيلت بالسحب أرضهم تختال بالعشب شاعرهم يطوف به خيال من يحب كل خبر عندهم معاينة وحضور حتى اختلطت دماءهم بدماء من يقرأ كل ما حولها مقدس مبتهل أسواقهم وحرمهم وأشهرهم وحروبهم قولهم أمثال دون تمثيل أحلامهم مواقف دون تنظير لم يحتاجوا كتاب حتى جاءهم النبي الأمي المبشر الذي وجدناه في الإنجيل ما هو بقارئ حين قيل له اقرأ ولا نحن بقارئين حين يقال لنا اقرؤوا هو رأى ونحن سنرى صدقه ابن نوفل عندما قص ما رأى وكذب ابن صياد فيما يرى عندما صعد بجسده الشريف ورأى من آيات ربه الكبرى ما كذب الفؤاد ما رأى ولن نماريه فيما يرى ستدين أمم من ت...

الآخرية والذات البديلة

يعطينا الدكتور عبدالله المطيري في كتابه "فلسفة الآخرية" الجميل إطلالة على فكر ليفيناس ومشروع ايتقي يتملص برشاقة من الأنطولوجيا الكلاسيكة الباحثة في المبادئ دون تكلم في التقاء مباشر وحاضر مع العالم في تكريس لمغالطة تاريخة للفلسفة العقلية والمثالية. تطرح فلسفة الآخرية مشروع وجودي في مواجهة المختلف دون احتواء في هوية أو قواسم مشتركة، التزام غير تناظري "ضيافة" الذي أنا هو امتداده في تجنب للاختزال. ما هي الإيتيقا؟ يجاوب الدكتور عبدالله المطيري بجاوب سريع ودقيق هو أن لا تعامل مع العالم على أنه موضوع. العالم يحذر في ايقونة وجه الآخر الغير مشمول بأي تعريف موضوعي "بل تعبير مفتوح"، التقاء حميمي غير بارد بانطولوجيا المبادئ التي لم تقم إلا لإعلان تنويعات الحياة اللامحدودة. تتحول اللإيتيقيا إلى سياسة عندما يكون لدينا وجوه كثيرة ونتحول من الإعطاء بلا تناهي إلى الإعطاء بحساب. العالم يحتاج إلى بيت لنسكن نحن فيه تعمله روح أنثوية ليست ذات بنية تعطينا قدرة على التبصر في العالم هذا البيت يعطينا قدرة على دراسة موضوعاتية ليس لفهم ما بل لاهتمام، قدرة تصنيفية لسمات ما نهتم به، اي...

لماذا أرسم أو (الإبستيم الجمالي)

صورة
لأنني أحتاج إلى "شيء" تأليفي synthetic غير مفاهيمي يعزز ادراكي للجديد الغير مشمول في أي مفهوم سبق، علينا أن نعرف ونمنع أي تأليف مقولي categorical synthesis مفاهيمي لأن التأليفي لا يكون إلا بمراس مع الطبيعة وأداء مجسد. وهذه هي الإيماءة الكاملة التي يسميها فوكو في بعض كتاباته dispositive. عندما أرسم بيدي أبدع أو أنقل الإحساس في اللوحة لا يطابق أي شيء آخر في العالم، وعندما ينتقل هذا الاحساس لي يكون في تأثيره في الأعصاب دون تمثيل على نحو مباشر. تنطبع على جسدي وتختلط باللحم فهي رسمة قريبة لأنها في جسدي لكنها بعيدة لأنني لا ادركها إلا بخيالي. انطباعها يعني أمرأ واحد هو أنني افرغ ذاتي وهو ما أسميه الكينوز kenosis لتكون الصورة في هيكل الجسد هناك تصير الكينونة واقفة بالجوار ekstasis: "يفرغ الجسد ذاته آخذ وجه الآخر في شبه الغير" في تجربة ذهنية تجعل الذات تحلم خارج الجسد والجسد يتحرك وهو نائم في شعور فعال agency كعميل في محيط من العلامات الخيالية يشبه ما يتكلم عن كارل يونغ. دولوز: اللون في الجسد، الإحساس هو ما يرسم، ما يرسم على القماش هو الجسد: ليس تمثيل لموضوع بل بقدر ما يُخت...

نحو فلسفة رياضياتية أدائية

 لنبدأ من سلافوي جيجك ونظريته في العلامة في قسيمها الدال والمدلول حيث يقدم جيجك نوعين من الأداء للعلامة: الأول: أن يقوم الدال بوظيفة المدلول ويمثل عليه الفيلسوف السلوفاني بعندما أجتاز قبصر نهر الروبيكون في هذا اللحظة عندما قرار قراره الخطير الذي جعله عدو روما، نلغي السياقات ليصبح متعالي قيصر لم يجتز النهر بل اجتازه ليكون قيصر الرمز وليس الشخص الذي نستحضره عندما نتناقش عن أمبراطورية روما. ما يسميه لاكان الدال الفارغ الذي يصبح ذا معنى. الثاني: أن يسقط الدال في المدلول وهو تماما العكس عندما يختفي المعنى ويكون فراغا ويمثل عليها بالذات التي يقول عنها لاكان أنه التي عليها أن تفترض ثم تفترض حتى تصبح هي الافتراض، عندها يصبح المحمول هو الحامل وتصبح الذات هي الفراغ الذي لا يمكن الوصول إليه. لننسى النوع الأول لأننا ما يهمنا الآن هو النوع الثاني، المشكلة هنا أن جيجك يرى أننا لا يمكن أن نصل إليها وكأنها الفراغ الذي يومض بين دالتين لكن يقنعنا جيجك أن هذا شيء جيد لأننا عندما نجد هذا الفراغ ونصاب بخيبة الأمل "نفهم" ويتحول السلب إلى إيجاب فنعرف أن حقيقتنا في الخارج أو ما يصبه جيجك أن الحقيقة ...

رياضيات كوينتين مياسو رحلة إلى مملكة الموت

صورة
  يقص مياسو Quentin Meillassoux هذه القصة: كان هناك عالم رياضيات على الشاطئ ومعه طفل يريد أن يخبره عن نظرية المجموعات وجد صدفات على شاطئ البحر خط خطوطا بينها ليخبره عن مجموعة القوة power set. ما الذي جرى هنا؟ هذا الشخص بخياله السحري تلاعب في الفراغ أو العلامات الفارغة أو ما يطلق عليه مياسو Kenotype. لنوضح قليلا... في محاضرة برلين بعنوان "Iteration, Reiteration, Repetition: A Speculative Analysis of the Meaningless Sign" في النصف الأخير من الورقة يتعمق مياسو في طبيعة الرياضيات ويعلن بصراحة القطيعة مع المادية القديمة التي تتمثل في القطيعة مع مبدأ العلة الكافية القائل بأن هناك  سبب لوجود وتغير كل شيء وينتقل إلى العرضية المطلقة وهذا في تقديره التصالح مع المطلق فسؤال لماذا هناك وجود بدل العدم؟ يتحول إلى سؤال لماذا هناك شيء بدلا من شيء آخر؟ الإجابة لا شيء يقولها مياسو بملئ الفم. نعود إلى المسألة الرياضية عندما نجلس عند الصدفات فإن عرضيتها مطلقة بعلامة فارغة دون أي معنى فهي لا تزال في طور النوع الذي لم ينفرد. ما معنى كلامي سأسهل المسألة بكلام بيرس عن العلامات وتصنيفها نحن في المثلث ...

الطوبيقا السسيتامية

صورة
 ذكر كانط في كتابه "نقد العقل المحض" هذا المصطلح الذي احببت أن ألقي عليه الضوء وأخرج ما أظنه خبايا مهمة اعتبرها التماعات في فهم أطروحة كانط بأكملها. يعرف كانط هذا المصطلح في نفس الصفحة: عندما تكون الخانات موجودة ولا يبقى سوى ملئها وفي الطوبيقا السستامية ليس من الصهب أن نتعرف على الموضع المناسب لكل أفهوم بالضبط وأن نلحظ في نفس الوقت المواضع التي لا تزال فراغه. لا ننسى أن كان ذكر في كتابه أن: السستام يتعين تحت فكرة واحدة وأن هذا التمام والتمفصل يصلح في نفس الوقت محكا لصحة وصفاء كل الأجزاء المعرفية الداخلة فيه. نبدأ بالخانات التي تشكل وحدة متجهة من الأعلى إلى الأسفل ما نصنعه هنا بمباركة كانط هي بوصلة مفاهيمية تظهر لنا المفاهيم التأليفية ببساطة يصعب على من لا يملك هذا المربع أن يكشفه وكأنك تطلب منه الملاحة دون بوصلة. لنذكر أن هذه ليست خريطة ذهنية بل مربع يساعدنا على التحقيقات وربط المفاهيم والكشف عن العلاقات وكأننا ننقب في أحفورة لتكشف لنا ما هو غائب أو الإفتراضي فهناك تجربة ذهنية حقيقة منتجة لمعرفة جديدة. هذه الرسيمة diagram التكوينية تحتاج إلى مكونات: نملأها أولا بالحدس والفاهم...

قصيدة "النقاء" للشاعر الأمريكي بيلي كولينز

صورة
النقاء  وقتي المفضل للكتابة هو وقت متأخر بعد الظهر، أيام الأسبوع، خاصة أيام الأربعاء، هذه هي الطريقة التي أتبعها: آخذ أبريق من الشاي الجديد داخل مكتبي وأغلق الباب. ثم أخلع ملابسي وأتركها في كومة كما لو أنا قد ذبت حتى الموت وكان تراثي قميص أبيض وبنطلون ووعاء شاي بارد. ثم أزيل جسدي وأعلقه على الكرسي. أزحته من عظامي مثل ثوب حرير. أفعل هذا حتى يكون ما أكتبه نقيا. مغسولا تماما من الجسد. أخيرا، أزيل كل عضو من أعضائي وأرتبهم على طاولة صغيرة بالقرب من النافذة. لا أريد سماع إيقاعاتهم القديمة عندما أحاول النقر على طبلتي. الآن أجلس على المكتب، جاهزا للبدء. أنا نقي تماما: لا شيء سوى هيكل عظمي على الآلة الكاتبة. يجب أن أذكر أنني أترك أحيانا قضيبي. أجد صعوبة في تجاهل الإغراء. ثم أنا هيكل عظمي مع قضيب على آلة كاتبة. في هذه الحالة أكتب قصائد حب غير عادية، معظمها يستغل العلاقة بين الجنس والموت. أنا التركيز بذاته: أنا موجود في الكون حيث لا يوجد سوى الجنس، الموت، الكتابة بالآلة. بعد تعويذة من هذا أزيل قضيبي أيضا. ثم أنا جمجة وعظام أكتب في فترة ما بعد الظهر فقط الضروريات المطلقة، لا تقلبات. الآن أكتب ...